السبت ١٨ - أكتوبر - ٢٠٢٥ القاهرة
07:36:25am

أين الرحمة؟

الخميس ١٦ - أكتوبر - ٢٠٢٥

مشهد بسيط… لكنه موجع 

مسنّ يحاول يركب ميكروباص، فيسقط على الأرض،

والناس تتفرّج، والكمسري يتحرك كأن شيئًا لم يكن!

فين الرحمة اللي كانت في قلوبنا؟

فين الإحساس اللي كان بيخلينا نشيل الكبير قبل ما يطلب المساعدة؟

إزاي وصل بينا الحال إن القسوة تبقى عادية،

والرحمة تبقى استثناء؟

كلنا محتاجين نراجع نفسنا…

مش في تصرف الكمسري بس،

لكن في ردّ فعلنا إحنا كمجتمع.

ليه ما عدناش نحس ببعض؟

وليه بقينا نعدّي على الألم كأنه مش شايفنا؟

الرحمة مش ضعف…

الرحمة قوة إنسانية بتخلينا نحافظ على شكلنا الحقيقي كبشر 

وتعالوا نفتكر…

دخل النبي ﷺ يومًا بيت أحد أصحابه، فوجد طفلًا صغيرًا يُقال له أبو عمير حزينًا يبكي.

فسأله الحبيب برفق:

“يا أبا عمير، ما فعل النُغَير؟”

وكان “النُغَير” عصفورًا صغيرًا كان يلعب به الطفل ومات.

تخيّلوا نبي الأمة، صاحب الرسالة،

يتوقف ليواسي طفلًا حزينًا على طائر!

دي الرحمة اللي علمها لينا الإسلام…

رحمة تتجاوز المواقف، وتدخل القلوب 

وكذلك سيدنا عيسى عليه السلام،

لما جاؤوه بامرأة أخطأت وقالوا: هذه تستحق الرجم،

فنظر إليهم وقال كلمته الخالدة:

“من كان منكم بلا خطيئة، فليرمها أولًا بحجر.”

فسكت الجميع، وانصرفوا واحدًا تلو الآخر…

لأن الرحمة كانت أقوى من الغضب،

والعفو كان أصدق من الإدانة 

فلنراجع قلوبنا قبل أفعالنا،

ولنعد الرحمة إلى شوارعنا،

قبل أن نضيع في زحمة القسوة 

ونفكر دايمًا…

إحنا مش بس محتاجين نعلم أولادنا القراءة والكتابة،

لكن نعلمهم كيف يشعروا بغيرهم،

كيف يمدّوا يد العون قبل أن تُطلب،

وكيف تكون الرحمة جزءًا من التربية قبل أن تكون خلقًا عابرًا 

علّموا أبناءكم أن القوة في اللين،

وأن العظمة في الإنسانية،

وأن الأمة التي تفقد رحمتها… تفقد وجهها الحقيقي.

فلتكن الرحمة عادتنا قبل أن تكون ردّ فعل،

ولنتذكر دائمًا أن الله لم يقل عن نبيه إلا:

“وما أرسلناك إلا رحمةً للعالمين.” 

د.فريد شوقي المنزلاوي



موضوعات مشابهه